المواظبة على التصميم في كل يوم وساعة قد يفضي لإستنزاف طاقتك ومجهودك ويسمح للملل في التسلل إلى داخلك، وربما حتى تشعر أنك في نقطة ثابتة لا تتحرك لا سيما إن لم تُطور بعض المهارات المعينة. إلاّ أنّ هذه الحالات لا يفترض بها والسيطرة على نفسك وهي ليست حالات افتراضية مفروغة، فأنت قادر على صقل مهاراتك دونما توقف أثناء عملك، إنما هي مجرد أوقات يستحوذ عليك التركيز فيها لدرجة أنك تنسى رفد مخزون عقلك وشحذ مهاراتك.
المصمم أثناء عمله اليومي الإعتيادي والعمليات الإبداعية التي يمارسها يكسب مقدارًا وافرًا من المعلومات، وتلك نقطة إيجابية وهامة، فأنت بهذه الطريقة تنهل من المعرفة كل يوم، ما يجعلك عامل ومصمم أفضل. أيضًا لا بد من الإشارة هنا أنّ المصمم الحرّ له أفضلية على أولئك الذين يرتبطون بدوام كامل، فالمصمم الحرّ يستطيع إيجاد وقت ليتعلم أثناء العمل، فهو يعمل ويتعلم ويكسب على الصعيدين المعرفي والمادي. في هذا المقال بعض الإرشادات والرسائل التذكيرية لـ شحذ المهارات التصميمية بإستمرار.
التحسين المتواصل حاجة ضرورية، لماذا؟
“إن تجمدت في مكانك، ستتأخر عن الركب”، تلك مقولة صحيحة؛ إن لم تكن سعيدًا بما يكفي في عملك ومخزونك المعرفي دون إبداء محاولات لبلوغ هدف أرقى، لن تتحسن أبدًا. من هنا كان التحسين المتواصل حاجة ضرورية، فمتى ما وجدت سبيلاً لذلك لن يقتصر التحسين على مهاراتك وإنما سيطول منتجاتك وخدماتك وحتى سير عملياتك التصميمية. كل ذلك يتحقق متى ما أعرت اهتمامك إلى كفاءتك في العمل.
التحسين المتواصل وسيلة تساعدك لتضعك في خانة المصمم الأفضل، فإيّاك أن تتأخر عن الركب، بل الزمه وقدّم أفضل ما لديك واجتهد على نفسك لتحقيق أول أهدافك. لا تكتفي بمراقبة الآخرين يدنون من أهدافهم ويحققونها وأنت عالق مكانك، اشحذ مهاراتك لبلوغ هدفك.
كيف تشحذ مهاراتك التصميمية بإستمرار
إنطلاقًا من أهمية التحسين المتواصل في بلوغ النجاح؛ حري بنا التفكير في طريقة إدخاله إلى سيرتنا التصميمية. ولتسهيل ذلك إليكم بعض النقاط الهامة:
- الممارسة
الإبداع يقتضي الممارسة، فأنّى لك التعبير عن أفكارك الإبداعية دون عمل يبرزها؟ أطلق العنان لحبل أفكارك الساحرة بتصميم أيّ شيء يخطر في بالك. افعل ذلك حتى وإن لم يكن بين يديك مشاريع تعمل عليها. تذكر دائمًا القول المأثور “التجربة خير برهان”. لعل الممارسة خير وسيلة لشحذ مهاراتك.
- طالع مدونات التصميم
هناك مدونات كثيرة تعتني بالتصميم وتقدم إرشادات وإلهامات ومصادر في المجال. لن تقتصر فائدة مطالعة هذه المدونات على إبقائك مطلعًا على آخر التحديثات فقط بل تساعدك أيضًا في إبقاء فتيل الإبداع مشتعلاً لديك. المواضيع والمواد التي تشاهدها كل يوم وتقرأها ستنعكس على عملك، ولهذا شاهدها بنِيّة تغذية عقلك بما يحتاجه لتحفيزك على التصميم أكثر.
- كن مطلعًا على آخر التحديثات
ميولات التصميم وتقليعاته تتغير بين حين وآخر، والرأي لك بإتباع هذا أو ذاك مع توخي الحذر. معظم عملائك سيتطلعون إلى آخر التقليعات وربما يطلبون منك مشاريعًا قائمة عليها، ودافعهم إلى ذلك هو إبقاء مشاريعهم مواكبة لمجريات الأحداث. قد تضع نفسك في موقع حرج إن سألك العميل عن تقليعة معينة لا علم لك بها، لذلك احرص دومًا أن تكون صاحب الرصيد المعرفي الأكبر في علاقتك مع العميل فيما يتعلق بآخر التقليعات والتوجهات التصميمية.
- تزود من الإلهام قدر ما أمكنك
الإلهام يملأ كل مكان؛ في محيطك وفي ما تسمعه وما تصادفه من حوارات ومن المارّة والمركبات السائرة والطبيعة ومن أشياء كثيرة. طالما أنك تستمد الإلهام أمكنك شحذ مهاراتك، لإنّ الإلهام يدفعك للعمل ومحاولة تجريب ما لم تجربه.
- التحق بمجتمعات التصميم واستفد من الآراء
التواجد في مجتمعات التصميم يتيح لك كمصمم فرصة الإنخراط مع المصممين الآخرين، إضافة إلى سماع آراء وردود أفعال تجاه أعمالك الأمر الذي قد يساعدك في تحسينها. لا شك وأنك ستتعلم الكثير من الإرشادات التي تتلقاها من زملائك المصممين، بدورك أيضًا تستطيع تقديم آرائك حول أعمال الآخرين.
- تفقد الدروس الموجودة على الإنترنت
تُكسبك هذه الطريقة أساليب جديدة يمكنك تطبيقها على تصاميمك، كما تستطيع تجريب طرق عديدة في التصميم تساهم في تطوير مهارات تصميمية جديدة، فأنت تتعلم وتعمل في الوقت نفسه.
- التجربة
لا عيب في التجربة، فالتجرية وسيلة لتعلم أشياء جديدة واكتشاف أساليب تميزك عن أعمال البقية وتضفي لمسة خاصة على أعمالك. عديد المصممين صنعوا اسمًا لهم بفضل التجريب، فما الذي يمنعك من المحاولة؟
- أعر إهتمامك نحو مهاراتك
قد تتساءل: ما الذي تتحدثون عنه؟ المسألة تتعلق بك وبعملك، فمعظم الأحيان يكون المصمم منهمك في تكرار نفس الأعمال لدرجة يغفل فيها عدم تحقيقه تطورًا فعلي. متى ما أعرت انتباهك لما تفعله تستطيع حينها تصويب مواضع الضعف لديك وبالتالي تحسين مهارات أكثر والتطور فيما تفعله.
- صمم بعيدًا عن الإنترنت
سيسعك التعبير عن نفسك أفضل وأنت بعيد عن الإنترنت. حاول القيام بأعمال التصميم وجهاز الحاسوب مقفل، وذلك عن طريق رسم اسكتشات على الورق ثم استخدمها كمنارة إرشاد في تصميمك. واظب على رسم اسكتشات كثيرة لإنها وسيلة جيدة للخروج بأفكار مختلفة، ثم استخدم إحدى هذه الرسومات أو امزج بين عناصرها المختلفة.
- كن عازمًا على التحسّن
- * صورة Hélène Desplechin
- لا شيء أفضل من شدّ الهمة وعقد العزم لتحقيق قفزات وتطورات فيما تصنعه. دوّن النقاط التي تحتاج إلى تحسينها أو اصنع قائمة في ذلك وابدأ في إيجاد حلول تساعدك في تطويرها.
- تقبل الفشل وتعلم منه
الفشل مفروغ منه إن أردت تحقيق النجاح، فلا تكترث إن ارتكبت بعض الأخطاء أثناء عملك، بل حاول التعلّم منها وقِف مجددًا. لولا الفشل لما كان للنجاح طعم؛ حينما يرتقى المرء إلى القمة ويتجاوز جميع الإخفاقات سيشعر حينها بنشوة النجاح واستحقاقه له.
- أقدم على تحديات جديدة
إحدى السبل الجيدة لشحذ مهاراتك تتمثل في مواجة التحديات الجديدة. اصنع تلك التحديات ولا تنتظرها، حاول بلوغ أهداف أسمى، حينها سيتشكل لديك دافع لتكثيف مجهوداتك كي تنال ما أردته. لكن احرص أن تظلّ تحدياتك تحت سقف الواقعية.
ستتطور مهاراتك في التصميم عندما تجد نفسك خارج رقعتك المفضلة نظرًا لإضطرارك العمل في بيئة مغايرة ومحاولة الخروج بنتيجة طيبة بغض النظر عن الأجواء الجديدة. لا تتمثل الرقعة المفضلة بالمكان فحسب، إنما في وسط التصميم أو أسلوب التصميم التي تعمل عليه. عندما يُطلب منك العمل على شيء جديد عليك فإن موافقتك تعني تعلم أشياء جديدة وتطوير مهاراتك أيضًا.
عوامل أخرى تؤثر في التحسين المتواصل
شحذ مهاراتك بصورة متواصلة ليست مرهونة بما ذكرناه أعلاه فقط، قد تتأثر أيضًا بأفعالك وشخصك:
- الصحة
حافظ على صحتك، لإنها تعينك في إتمام أعمالك على أكمل وجه. تذكر دائمًا أنّ أهدافك وقائمتك الطويلة من المهام لن تنجز في حال سقمك – أمدّكم الله بالصحة والعافية – فاحرص على تناول غذاء متوازن ومارس الرياضة وعِش حياتك.
العيش وسط بيئة سعيدة يُعينك على أداء أفضل وعلى تركيز أحسن خصوصًا إن كانت صحتك بأحسن حال والأجواء من حولك تعمّها السكينة. إن كان عملك من داخل منزلك حاول العثور على مكان ملائم بعيد عن مصادر الإزعاج أو يطلّ على مناظر طبيعية.
- مواقفك وسلوكك
إنها من أهم العوامل المؤثرة على التحسين المتواصل، لإن الشخص الذي يرفع شعار المماطلة كالذي يضع العراقيل أمامه فتمنعه من التقدم. اجعل مواقفك إيجابية ومتفائلة في كل ما تصنعه وكن صبورًا ولا تتعجل الأشياء.
إن بدأت شخذ مهاراتك اليوم ستكون المستفيد الأول، فلا تتردد في الإقدام على هذه الخطوة ولا تنظر إليها كمضيعة للوقت لإنها ليست كذلك. لذا فكّر جدياً في المسألة
[Source]